Wednesday, April 1, 2009

شريعتي: "من أصالة الوعي الى ارادة التغيير."

لا تزال قضية الفرد وأصالته ودوره في التاريخ تشغل الفلاسفة والباحثين على مرّ التاريخ. وكان من الطبيعي ان يتأثر النقاش واختلاف وجهات النظر حول هذا الدور  بالتحولات الدينية والفلسفية والاجتماعية التي عرفتها مجتمعات وحضارات كبرى في أوروبا أو في العالم الاسلامي. وقد تكون قضية الفرد/الانسان من أعقد القضايا التي واجهت الباحثين والدارسين في المجالات الدينية والفلسفية والاجتماعية سواء على مستوى التعريف أو على مستوى المسؤولية أو حتى بالنسبة الى المستقبل والمصير. فمن المعلوم على سبيل المثال أن التحولات الكبرى الفكرية والسياسية والدينية التي حصلت في أوروبا وانتقلت بعدها من ما أطلق عليه "العصور الوسطى" الى "عصر النهضة" أو "عصر الأنوار" هي التي جعلت من مكانة الانسان/الفرد مكانة سامية تتقدم على مكانة المجتمع. بحيث بات الفرد هو الأصل والمعيار. ومن تلك النظرة الفلسفية التي أعلت شأن الفرد وازاحت شأن الدين والارتباط بالغيب اندفعت الأفكار التي اعتبرت حرية الكائن شأنا مقدسا"، بدل المقدسات الدينية السابقة. وبات بعد ذلك على المجتمع ان يكيف نفسه مع ما يمكن ان تصل اليه تلك الحرية سواء في علاقة الانسان مع نفسه او في علاقاته مع الآخرين. أي أن ما حصل في تلك الحقبة التاريخية في أوروبا والذي سيترك أثره وبصماته الواضحة على باقي العالم، قلب المقاييس رأسا" على عقب . فبدلا من تكيف الانسان/الفرد مع المجتمع وخضوعه لثقافة ذلك المجتمع وقيمه وعاداته... بات على هذا الأخير أن يتحول تدريجيا" وأن يغير من قوانينه وحتى من أنظمته التربوية ليتلاءم مع ما بلغته ممارسة الانسان لحريته التي بقيت مقيدة بحد واحد فقط هو عدم التعدي على "حق الآخر"،حتى يتمكن بعدها من أن يفعل ما يشاء.